📁 من موضوعاتنا

ضعف اللغة القبطية قبل الفتح الإسلامي لمصر

يظنُ البعضُ أن اللغةَ القبطيةَ قد تعرضت للضعفِ ثم الموتِ الأبدي بسببِ الفتحِ العربي الإسلامي لمصر، ويسوء ظنه أكثرَ فيعتقدَ أن العربَ هم من أضعفوها وأماتوها، بينما أن ضعفَ اللغةِ القبطيةِ وأخذها طريقَ الموتِ الأبدي قد بدأ قبل الفتحِ الإسلامي بقرونٍ معدودةٍ.
ومن يأخذون الأمر بسطحية يتغاضون عن نقاط مهمة مثل:
- لماذا ماتت اللغة القبطية؟ ومتى نشأت أسباب موت اللغة القبطية؟
- عوامل ضعف اللغة القبطية قبل الفتح الإسلامي لمصر وبعده؟ هل تعرف: لماذا تموت اللغات؟
- انتشار اللغة القبطية في مصر قبل الفتح، وهل كانت اللغة القبطية لغة رسمية؟ وهل كانت اللغة القبطية وحدها منتشرة وموجودة في مصر؟
عوامل ضعف وموت اللغة القبطية قبل الفتح الإسلامي لمصر
اللغة القبطية عوامل الضعف والسقوط قبل الفتح الإسلامي لمصر
- ما مدى احترام اللغة القبطية من الأقباط وغيرهم من الشعوب داخل مصر؟
- هل توفرت عوامل تجعل اللغة القبطية لغة قوية؟ وهل كان الأقباط أقوياء حتى تصبح لغتهم قوية؟
- هل كانت اللغة القبطية قبل الفتح الإسلامي لغة إدارة وسياسية؟ وأدب وفن؟ واقتصاد وتجارة؟ ودين وتعبد؟
- هل كانت اللغة القبطية لغة متماسكة ومركزية؟ ومدى مدى الترابط بين لهجات اللغة القبطية؟
- علاقة اللغة القبطية باللغة اليونانية؟ وما مدى التأثير اليوناني على اللغة القبطية؟ وما موقف حكام مصر قبل الفتح الإسلامي من اللغة القبطية؟
إن لقوةِ وسيادةِ وبقاءِ أي لغةٍ أو ضعفها ثم موتها عواملَ عديدةً متنوعةً، وبطبيعةِ الحالِ أن هذه العواملَ تنطبقُ على اللغةِ القبطيةِ.
ومع استعراضِ عواملَ القوةِ والسيادةِ للغاتِ وتطبيقها على حالِ اللغةِ القبطيةِ قبل الفتحِ الإسلامي؛ نجدُ أن اللغةَ القبطيةَ كانت ضعيفة ومريضة ووضع ممن يتحدثونَ بها مثيرٌ للشفقةِ، وحيثُ أن قوةَ أي لغةٍ من قوة أصحابها؛ لذلك كانت الهزيمة- التي تعرضت لها القبطيةَ عبر قرونٍ - بسبب هزيمةِ وضعفِ الأقباطِ أمام المستعمرينَ وشعوبهم.
للتعرفِ على انتصارِ العربيةِ على القبطيةِ بعد الفتحِ الإسلاميِ.
وقد سبق أن نشرنا في بداية هذه السلسلة من المقالات مقالًا يتضمن أسئلة حول ضعف اللغة القبطية وموتها قبل الفتح الإسلامي وبعده؛ وذلك لإثارة الذهن ووضع مجموعة من الافتراضات قبل قراءة هذه السلسة التي كتبت بعناية وبدقة وموضوعية فاطلعوا عليه.

عوامل ضعف اللغة القبطية قبل الفتح الإسلامي لمصر

عوامل ضعفِ اللغةِ القبطيةِ قبل الفتحِ الإسلامي:تتمثلُ عواملُ القوةِ والبقاءِ للغاتِ في: العامل السياسي- العامل الاقتصادي- العامل الديني - العامل الأدبي- العامل العلمي- عامل الانتشار الجغرافي- عامل وحدة اللغة ومركزيتها- عامل التعدد اللغوي- عامل النظرة للغة واحترامها أو احتقارها- عامل الذاتية أو الهيبة- الفترة الزمنيةَ التي يسودُ فيها بعضَ أو كلِ العواملِ السابقةِ.

العامل السياسي لضعف اللغة القبطية قبل الفتح الإسلامي لمصر

أ- العامل السياسي: كانت اللغة القبطية ضعيفة من الناحيةِ السياسيةِ للمحددات:
ـ ضعفُ الأقباطِ: فقد كان الأقباطُ ضعفاءَ مستعبدينَ يستلمهم محتلٌ من محتلٍ على مدارِ قرونٍ طويلةٍ، وضعفُ أصحابَ اللغةِ يضعفَ لغتهم بكلِ تأكيدٍ.
- اليونانيةُ لغةَ القيادةِ والإدارةِ: فقد كانت اللغة اليونانية هي لغةُ الحكامِ والإدارةِ على كافةِ المستوياتِ محليًّا وإقليميًّا، حتى أن الرومان حولوا أسماء القرى والمدن المصرية إلى أسماء يونانية مثل بانوبوليس بدلًا من أخميم وهيراكليوبوليس بدلًا من إهناسيا وهرموبوليس بدلًا من الأشمونين..
- واستخدامُ لغةٍ للقيادةِ والإدارةِ تختلفُ عن لغةِ العامةِ سيؤدي إلى الضعفِ التدريجي للغةِ العامةِ؛ حيث سيدفعهم ذلكَ إلى تعلمِ اللغةِ الرسميةِ من أجلِ الحصولِ على وظيفةٍ أو لتسهيلِ معاملتهم مع الإدارةِ، أونتيجةً للاحتكاكِ مع رجالِ الإدارةِ، وأيضًا للهيبةِ الذاتيةِ للغةِ القادةِ والمسؤولين.
حتى وإن لم يتأثر العامةُ كليةً بلغةِ القيادةِ والإدارةِ، ولم يتعلمها جميعهم فستتأثرُ لغتهم تدريجيًا في المفرداتِ والصوتياتِ والنحوِ والصرفِ.
- صعوبةُ مخالفةِ المحتلين: فهم حكامُ البلادِ وطبقتها الإداريةِ والعسكريةِ والماليةِ ويؤدي هذا إلى السيادةِ اللغويةِ لهم والخضوعِ اللغوي لهم جزئيًّا أو كليًّا. رَ مقالنا: أسباب ونتائج ضعف اللغة القبطية قبل الفتح الإسلامي لمصر

العامل الاقتصادي لضعف اللغة القبطية قبل الفتح الإسلامي لمصر

ب‌- العامل الاقتصادي:
ولأن المسيطرينَ على مصر سيطروا على تجارةِ مصر الخارجيةِ ونقلها وتأمينها، ولأن التجارةَ الداخليةَ تحت سيطرتهم ويعمل بها رجالهم سواءً من بني جلدتهم أو من الأقوامِ الخاضعةِ لهم من الأقباطِ وغيرهم، ومن المعروفِ أن الرأسمالي يخضعُ للسياسيينَ وثقافتهم.
ولأن التجارةَ وتفاصيلها على كافةِ المستوياتِ تابعةٌ للسياسةِ.
ولأن جمعَ الضرائبِ وتفاصيلهِ ومن يجمعونها سيتحدثونَ ويكتبونَ ويتعاملونَ بلغةِ السياسيةِ والإدارةِ.
ولأن العملات تُسكَ بلغةِ المسيطرينَ على البلادِ فقد ضُعفت القبطيةُ وطُحنت طحنًا عبرَ قرونِ طوالٍ.

العامل الديني لضعف اللغة القبطية قبل الفتح الإسلامي لمصر

ت‌-العاملُ الدينيُ: كانت الديانات المصريُ محلية، حتى وإن أثرت في الدياناتِ الأخرى في المنطقةِ المحيطةِ فإنها لم تسدْ خارج مصرَ؛ بالتالي انعدم وجودُ تأثيرٍ من الناحيةِ الدينيةِ للغةِ المصريةِ خارجَ حدودها.
في مصر الرومانيةِ وما قبلها تعددت العقائدُ ولم تكن هناك ديانة واحدة، وكانت السيادةُ الدينيةُ في المنطقةِ للديانات الرومانية واليونانيةِ وغيرها، ولم تنتشر الدياناتُ التي تستعمل القبطيةَ خارج مصرَ؛ وبالتالي انعدمَ تأثيرُ اللغةِ القبطيةِ خارج مصر؛ حيثُ انعدام سيادة الديانات التي تستعملها.
في الداخلِ المصري تعددت الدياناتُ وتنوعت؛ طبقًا لتعدد الشعوبِ التي تعيشُ في مصر؛ وبالتالي كثرت اللغاتُ، وكانت الدياناتُ الأهمُ هي الدياناتُ الرومانيةُ؛ لأنها ديانات الطبقةِ الحاكمةِ، صحيحٌ أنها تأثرت بالدياناتِ المصريةِ لكنها سادت وانتشرت في ربوعِ مصر، وأتبع كثيرٌ من المصريين ديانات الحكامِ.
وبرغمِ أن استعمالَ اللغةِ دينيًا عاملُ قوةٍ كبيرٌ لأي لغةٍ داخل الإقليمِ وفي محطيه، لكن الوضعَ اختلفَ بالنسبةِ للغةِ القبطيةِ فقد نافستها عدةُ لغاتٍ في إقليمها المصري، ولم تنتشر وتؤثر في محيطها الجغرافي.
إذًا كانت القبطية ضعيفة من الناحيةِ الدينيةِ حتى بين أهلها الذين أتبع جزءٌ كبيرٌ منهم ديانات أخرى بلغاتٍ أخرى، والدليل على ذلك استخدام اللغة اليونانية في الصلوات والمواعظ والطقوس في الكنائس قبل الفتح الإسلامي ثم استخدمت القبطية بعده، رَ مقالنا: مراحل موت اللغة القبطية موتها الأبدي

العامل العلمي لضعف اللغة القبطية قبل الفتح الإسلامي

ث‌- العاملُ العلمي: ولم يتوفر للقبطيةِ نصيبٌ من المشاركةِ في العلمِ كلغةٍ للتعليمِ أو الترجمةِ أو النشرِ حتى داخل إقليمها الجغرافي الذي نشأت فيه، وعدم توفر نصيبٌ للغةٍ ما في العلومِ ونشرها ومجالاتها سيؤدي حتمًا إلى ضعفِ هذه اللغةِ معنويًّا وماديّا لا سيما مع وجودِ لغاتٍ أخرى ذات قيمةٍ علميةٍ منافسةٌ لها في إقليمها الجغرافيُ، وهو ما حدثَ للقبطيةِ بالفعلِ.

العامل الأدبي لضعف اللغة القبطية قبل الفتح الإسلامي

ج‌- العامل الأدبي: ولم يتوفر للقبطيةِ أيُ مساهمةٍ في المجالاتِ الأدبيةِ، وعدم الكتابةِ والقراءةِ أو الاستماعِ لقصصٍ وحكاياتٍ وشعرٍ وخطبٍ قيمةٍ سيؤدي حتمًا إلى نهايةِ هذه اللغة ِ.
يقولُ بتلر في كتابهِ ( فتح العرب لمصر) " لا يستطيعَ الأقباطُ أن يفخروا بشعراءٍ مجيدينَ أو مؤرخينَ معروفينَ أو فلاسفةٍ أو أحدًا من رجالِ العلمِ فجل آدابهم دينيةً لقلةِ ما كان لديهم من بيانٍ وعلمٍ مما سبب إهمال لغتهم"
ويقول الأستاذ الدكتور أحمد مختار عمر أستاذ علم اللغة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة في كتابه " قصة اللغة العربية في مصر والمغرب الأدنى" ص ٤١:
" لم يجد الباحثون شيئًا ذا قيمةٍ يستحقُ الترجمةَ من القبطيةِ إلا ما يتعلقُ بالديانةِ ولم تتم الترجمةُ له سوى في القرنِ العاشرِ، والأدبُ القبطي لم يكن أدبًا راقيًا بل قصصًا دينيةً ركيكةً، ومن أجل هذا حين جاءت حركةُ الترجمةِ النشيطةِ من اللغاتِ الأجنبيةِ إلى اللغةِ العربيةِ وبلغت قمتها لم يجد الباحثونَ شيئًا ذا بالٍ يستحقَ الترجمةَ من القبطيةَ إلا ما ندر".

عامل الانتشار الجغرافي وضعف اللغة القبطية قبل الفتح الإسلامي

ح‌- عاملُ الانتشارِ الجغرافي: والانتشارُ الجغرافيُ للغةٍ ما يمنعُ ضعفها الكليُ، فقد تضعف لفترةٍ ما في منطقةٍ وتقوى في أخرى ثم تستعيدُ صحتها وحيويتها في مكانِ الضعفِ لتعم قوتها في كل أماكنِ انتشارها وربما تتوسع خارجَ مناطقها القديمةِ.
ولم تكن القبطيةُ معروفةً أو لها استعمالٌ خارجَ مصرَ، بل إنها لم تكن اللغةُ الغالبةُ في بعضِ الأقاليم المصريةِ كالإسكندريةِ وبعضُ مناطقِ شرق الدلتا وقفطَ وغيرها من الجغرافيا المصريةِ، مع وجودِ منافسةٍ لها في كلِّ المناطقِ المصريةِ من اليونانيةِ وغيرها.

عامل وحدة اللغة ومركزيتها وضعف اللغة القبطية 

خ‌- عاملُ وحدةُ اللغةِ ومركزيتها: وهذا العاملُ لم يتوفرْ للقبطيةِ فقد كان لها ستُ لهجاتٍ بينها اختلافاتٌ جوهريةٌ في الصوتياتِ والمفرداتِ والنحوِ والصرفِ، أربعةٌ في مصر العليا ( الفيومية- الأسيوطية- الأخميمية- الصعيدية) وبعد القرنِ الخامسِ الميلادي أصبحت الأخيرةُ هي السائدةُ في مصرَ العليا، واثنتان في مصرِ السفلى ( البشمورية - البحيرية).
ومع عدمِ وجودِ عاملٌ مركزيٌ موحدٌ لتلكِ اللهجاتِ فإنها كانت ستنفصلُ لتكوَّن كل منها لغةً مستقلةً كما حدث مع غيرها من اللغاتِ، ويقصدُ بالعاملِ المركزي هنا روابطَ مثلَ الدينِ- كما الإسلامُ للعربيةِ، أو وجودَ العاملِ السياسي كوجودِ دولةٍ مركزيةٍ للأقباطِ، أو علميٌ أو أدبيٌ....

عامل التعدد اللغوي في مصر قبل الفتح وضعف اللغة القبطية

د‌ -التعدد اللغوي: فلم يكن بمصر قبل الفتحِ الإسلامي اللغةُ القبطيةُ فقط بل كان بها عدةُ لغاتٍ قويةٍ وأصحابها أقوى، صحيحٌ أن اللغةَ القبطيةَ لغةُ الأغلبيةِ لكن اللغةَ اليونانيةَ لغةُ القوةِ الماديةِ والمعنويةِ؛ حيث أنها لغةُ الطبقةِ الحاكمةِ والمسيطرةِ على الحكمِ والاقتصادِ والعلومِ والآدابِ، صحيحٌ أن الرومانَ مثلًا كانوا أقليةً عدديةً لكنهم كانوا منتشرينَ في كافةِ الأقاليمِ المصريةِ.
ووجودُ طبقةٍ سياسيةٍ وعسكريةٍ واقتصاديةٍ في قريةٍ ما ومدينةٍ ما وإقليمٍ ما لهم لغةً مختلفةً؛ سيدفعُ جزءًا من سكان تلك الناحيةِ- بفقرهم وخضوعهم وعبوديتهم- إلى تعلمِ لغتهم، والمغلوبُ مولعٌ بتقليدِ الغالبِ.
وكانت أيضًا هناك اللغة السريانية كلغةٍ للعلومِ والثقافةِ نتيجةً لهجرةِ عددٍ من العلماءِ السريانِ إلى مصر وعملهم بمكتبةِ الإسكندريةِ ومدارسها،
أيضًا اللغةُ العربيةُ فقد اُكتشفت وثائقَ مكتوبةً بالعربيةِ القديمةِ ترجعُ إلى عام ٢٦٣ ق.م وتشير هذه الوثيقة إلى وجودِ جاليةٍ عربيةٍ كبيرةٍ في مصر، وقد ذكرَ المؤرخُ اليوناني استرابو إلى وجودِ كثيرٍ من العربِ في مصر فقد ذكرَ أن نصفَ سكانِ مدينةِ قفط من العربِ ويحكمها العربُ.
وكانت هناك لغات أخرى للبربرِ والفينقيين والأحباشِ والديلمِ وغيرهم من سكانِ مصرَ قبل الفتحِ الإسلامي. هل تعلم: كيف نشأت اللهجة العربية المصرية الحديثة؟
صحيحٌ أن كل هذه اللغاتِ لغاتٌ لمن هم أقل عددًا من الأقباطِ لكن كان لليونانيةِ والسريانيةِ قيمةٌ معنويةٌ وهيبةٌ ذاتيةٌ سينتج عنهما هزيمةُ القبطيةِ في حالِ استمرارِ الأوضاعِ السياسيةِ للبلادِ كما كانت عليه لا سيما استعبادِ الأقباطِ وخضوعهم.
والصراعُ الذي احتدمَ مع اليونانيةِ كانَ كبيرًا وصلَ حتى لمستوى التخاطبَ العامي؛ فقد تعلمَ الكثيرُ من عامةِ الأقباطِ اليونانيةِ وتحدثوا بها، ودخلت القبطيةُ مفرداتٌ وتأثيراتٌ صوتيةٌ وقواعدُ نحويةُ وصرفيةٌ من اليونانيةِ وغيرها.

عامل نظرة الأقباط للغة القبطية واحتقارهم لها قبل الفتح

ذ‌- النظرةُ للغةِ واحترامها أو احتقارها: نظرًا لما سبقَ، ونظرًا لوجودِ جزءٍ من الأقباطِ ارتبطت مصالحهم بالمحتلينَ- كالتجار والموظفينَ والمرتزقةِ ورجال الدينِ- أو جزءٍ آخر تعرضَ للاستهواء؛ فقد نظر جزءٌ كبيرٌ من الأقباطِ للغتهم نظرةً دونيةً، وفضلوا تعلم اليونانيةِ وغيرها والتحدثُ بهن وتعلميهن للمحيطينَ بهم.
وأدى كل هذا إلى عدمِ الغيرةِ على القبطيةِ؛ فقد غيروا أبجديتهم وأخذوا الكثيرَ من اليونانيةِ والسريانية وغيرهن سواء في المفرداتِ أو الأصواتِ ولا ننسى أنهم كتبوا لغتهم بالأبجديةِ اليونانيةِ مع سبعِ رموزٍ فقط من أبجديتهم القديمةِ.
وإذا كان أصحابُ اللغةِ ينظرونَ إليها هكذا فما بالنا بنظرةِ الشعوبِ الأخرى إليها. اقرأ: ثوابت إعرابية في النحو- الجزء الخامس

عامل هيبة اللغة القبطية وضعفها قبل الفتح الإسلامي

ر‌- عاملُ الهيبةِ الذاتيةِ: ويُعنى به قوةُ اللغةِ وتأثيرها ونفوذُ المتحدثين بها ودورهم.
ومما سبق نجدُ أن أصحابَ القبطيةِ محتلينَ مستعمَرينَ مستعبَدينَ خاضعينَ يستلمهم محتلٌ من محتلٍ.
ورأينا كيفَ أن اللغةَ القبطيةَ ليست لغةٌ للسياسةِ والإدارةِ والحكمِ والاقتصادِ والعلومِ والآدابِ وليست منتشرة جغرافيًا ولا لغة مركزية قوية ورأينا كيف كانت النظرةُ الدونيةُ إليها من أبناءها وبالتالي غيرهم.
ومن المسلمِ به أن كل هذا سيؤدي إلى ضعفها بل وموتها الأبدي وهو ما كانَ سيحدثُ حتمًا حدث الفتحُ الإسلاميُ أم لم يحدث.

عامل الفترة الزمنية التي ساد فيها ضعف اللغة القبطية قبل الفتح

ز‌- عاملُ الفترةِ الزمنيةِ التي يسودُ فيها بعض أو كل العواملِ السابقةِ: وما ذكرناه سابقًا من عواملِ نجد أنها جمعيًا قد سادت لقرونٍ طويلةٍ؛ وهذا كفيلٌ بإضعافِ القبطيةِ ووضعها على طريقِ الموتِ الأبدي، وهو ما كان.
مما سبقَ نستطيع أن نتيقن أن اللغةَ القبطيةَ كانت ضعيفة هزيلة مريضة، قد ركبت طريقَ الأفولِ، ونامت على سريرِ المرضِ قبل الفتحِ العربيِ الإسلامي بقرون؛ لتأت اللغةُ العربيةُ بقوتها الماديةِ والمعنويةِ فتعطها إبرةِ الموتُ الأبديُ.للتعرفِ على انتصارِ العربيةِ على القبطيةِ بعد الفتحِ الإسلاميِ رَ مقالنا: كيف انتصرت اللغة العربية على اللغة القبطية؟
المصادر والمراجع:
1- أحمد مختار عمر: قصة اللغة العربية في مصر.
2- سيدة إسماعيل الكاشف: مصر في فجر الإسلام.
3- المقريزي: الخطط ج١.
4- المقريزي: البيان والإعراب عما في أرض مصر من الأعراب.
5- لجنة التاريخ القبطي: تاريخ الأمة القبطية، الحلقة ٢، خلاصة تاريخ المسيحية في مصر ص ١٣٧ طبعة ١٩٣٢، المطبعة الحديثة شارع خيرت.
6- ماك مايكل: تاريخ العرب في السودان ج ١ ص ١٦٣. Macmichael: A Hit Of the Arabs in the Sudan
7- ألفرد بتلر: فتح العرب لمصر، ترجمة محمد فريد أبو حديد، دار الكتب.
8- حسن أحمد محمود : مصر في عهد الطولونيين.
9- عبد الله خورشيد البري: القبائل العربية في مصر في الثلاث قرون الأولى من الهجرة.
جمال الغريدي
جمال الغرِّيدي
جمال الغرِّيدي